عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "علموا أبناءكم السباحة والرمي والمرأة المغزل". وقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتبًا عديدة إلى أهل الشام أن "علموا أولادكم السباحة والرماية والفروسية".
وهو نص يحمل قيمة عظيمة تمس جوهر الرياضة، وأهمية ممارستها للفرد والمجتمع، وأول ملاحظة: هي أن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- اختار كلمة (علموا)، ولم يقل(لعبوا)، أو(هيئوا)، أو(حثوا)، و(علموا) فعل أمر مصدره علم من كلمة العلم، وهو نقيض الجهل.
وهنا أمر يتجاوز تهيئة وتوفير سبل ممارسة الرياضة للأفراد. إذن عمر بن الخطاب يؤسس لإيجاد ثقافة الرياضة في المجتمع من خلال تأسيس علمي تربوي، يرتقي بقيمة الرياضة.
ولكن يبقى التساؤل الذي يتردد في أذهاننا كقراء، لماذا جمع سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بين هذه الرياضات الثلاثة ؟ ذلك أن هذه الألعاب تعتمد على الربط بين العضلات والأعصاب، فيما يعرف بالتوافق العضلي العصبي، ولنتطرق أولا إلى ماهية التوافق العضلي العصبي؟
يعرف بأنه: هو قدرة الفرد على دمج أنواع من الحركات في قالب واحد يتسم بالإنسانية وحسن الأداء، ويتطلب كما ذكرنا سابقًا كلا من الجهازين العضلي والعصبي، لإتمام أداء الحركات على أفضل صورة.
أولًا السباحة:
تعمل السباحة على الدمج بين التوافق العضلي والعصبي، حيث يرفع الماء أثناء السباحة وزن الجسم من المناطق التي يثقل عليها الجسم مفصلًا محملًا، خاصة الكاحل والركبة والورك، مما يؤدي إلى تمرين الجسم بالتساوي، وهو تمرين فعال جدًا للعضلات حول العمود الفقري، فهو يمرن العديد من العضلات في آن واحد.
لا تقتصر فوائد السباحة على العضلات فقط، بل إنها تؤثر من الناحية الذهنية، توفر الاسترخاء والهدوء إلى جانب الراحة العضلية ، كما أنها تساعد على حرق سعرات حرارية أكثر من غيرها من الرياضات، وبذلك تصبح رياضة فريدة من نوعها، حيث توفر فائدة عقلية وعضلية إلى جانب الاستمتاع بممارستها.
ثانيًا الرماية:
تعد الرماية من أبرز رياضات السلاح، والتي حث الإسلام على تعليمها، وقد ظهرت قديمًا كوسيلة البحث عن الطعام، قبل أن تمارس كمبارزة لشخصين ،تشتمل على سبعة أنواع مختلفة من أبرزها: البندقية، المسدس الحر، ورماية الأطباق.
كما أن لها فوائد عديدة حيث:
- تساهم بقوة في إحداث توافق دقيق بين المجموعات العضلية والجهاز العصبي المركزي.
- تحسين التنسيق بين اليد والعين، حيث أن استهداف السهم وإطلاقه يزيد من التركيز أيضًا، ويمكن تحسين التنسيق بين العين واليد مع الممارسة، ويجب أن يكون الجسم في وضع ثابت أثناء التصويب، فهذا يحسن التوازن، وبمرور الوقت يتحسن اللاعب، ويتمكن من السيطرة على الجسم.
- بناء جسم قوي:
- يتم استخدام جميع مكونات الجسم عند ممارسة هذه الرياضة، وخاصة الذراعين، اليدين، الصدر، والكتفين، ويتم الحفاظ على التوتر في العضلات لعدة ثوان قبل أن يتم إطلاق السهم.
- ويؤدي النشاط المتكرر إلى تطور العضلات.
ثالثًا: الفروسية
(ركوب الخيل): تقول الروايات القديمة والمؤكدة عن التاريخ العربي، وتحديدًا في شبه الجزيرة العربية، إن سيدنا إسماعيل -عليه السلام- هو أول من ركب الخيل ، ولقد حثنا النبي الكريم -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- على مميزات ركوب الخيل، حيث قال: "اركبوا الخيل، فإنها ميراث أبيكم إسماعيل".
أما عن فوائد ركوب الخيل، فهو يتمتع بفوائد جمة، حيث يعمل ركوب الخيل على تحسين التوافق العضلي والعصبي، ليس أصعب من أن تعمل على التناسق مع حركات الحصان الذي تركبه، وتتمايل معه، ومع حركاته طوال الوقت، وكيفية التحكم فيه، متى يتحرك؟ متى يجري؟ متى يتوقف؟ وكيفية معرفة ما إذا كان الحصان في غير حالته الطبيعية، فمثلًا: إذا كان غاضبًا أو به شيء ما، فمن الأفضل عدم دخوله مسابقات في الوقت الحالي، وهذه العلاقة تحتاج إلى توافق وتواصل غير عادي ما بين الفارس والخيل، وهذا يكون له تأثير جيد على شخصية الفارس وعلى صحته وقدراته العقلية، والنفسية أيضًا، كما أنه يساعد أيضًا في تدريب العقل، تقوية الفكر، وزيادة النشاط وحدة الذهن.
وفي العصر الحديث ظهرت رياضة الخماسي الحديث أو البنتاثلون، وهي رياضة مركبة تجمع بين المبارزة، السباحة، القفز الاستعراضي بالخيل، والركض، والرماية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.